كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن الزملكاني‏:‏ قد استبان من هذا ونحوه أن العبادات والقربات فيها أفضل ومفضول وقد دل على ذلك المعقول والمنقول ومنها ما يوصل إلى المقام الأسنى لكن قد يعرض للمفضول ما يكسبه على غيره فضلاً فليفصل ذلك ليتخذه أصلاً فإن العبادة تفضل تارة بحسب زمانها وأخرى بحسب مكانها وطوراً بحسب حال المتصف بها وآونة بمقتضى سببها ومرة تترجح لعموم الانتفاع وأخرى بوقوعها في بعض الأزمة أو البقاع كما مر في خبر أفضل الأعمال ونحوه والحاصل أن العبادة تكون فاضلة ومفضولة باعتبارين مختلفين كما يصير فرض الكفاية في بعض الأحوال فرض عين‏.‏

- ‏(‏طب عن معاذ‏)‏ بن جبل‏.‏

4374 - ‏(‏راصوا الصفوف‏)‏ أي تلاصقوا وضاموا أكتافكم بعضها إلى بعض حتى لا يكون بينكم فرجة تسع واقفاً أو يلج فيها مارّ ‏(‏فإن الشيطان يقوم في الخلل‏)‏ الذي بين الصفوف ليشوش صلاتكم ويقطعها عليكم‏.‏ قال القاضي‏:‏ والرص ضم الشيء إلى الشيء‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏كأنهم بنيان مرصوص‏}‏ فالتراصّ في الصفوف هو التداني والتقارب يقال رصّ البناء إذا ضم بعضه إلى بعض‏.‏

- ‏(‏حم عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون اهـ‏.‏ ومن ثم رمز المصنف لصحته‏.‏

4375 - ‏(‏راصوا صفوفكم‏)‏ أي صلوها بتواصل المناكب ‏(‏وقاربوا بينها‏)‏ بحيث لا يسع بين كل صفين صف آخر حتى لا يقدر الشيطان أن يمر بين أيديكم ويصير تقارب أشباحكم سبباً لتعاضد أرواحكم ‏(‏وحاذوا بالأعناق‏)‏ بأن يكون عنق كل منكم على سمت عنق الآخر يقال حذوت النعل بالنعل إذا حاذيته به وحذاء الشيء إزاؤه يعني لا يرتفع بعضكم على بعض ولا عبرة بالأعناق أنفسها إذ ليس على الطويل ولا له أن ينحني حتى يحاذى عنقه عنق القصير الذي بجنبه، ذكره القاضي‏.‏ وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته‏:‏ فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلال الصف كأنها الحذف بحاء مهملة وذال معجمة، ووهم من قال بمعجمتين غنم سود صغار فكأن الشيطان يتصغر حتى يدخل في تضاعيف الصف قال الزمخشري‏:‏ سميت به لأنها محذوفة عن المقدار الطويل‏.‏

- ‏(‏ن عن أنس‏)‏ رمز المصنف لصحته، وظاهر اقتصاره على النسائي أنه تفرد بإخراجه عن الستة وإلا لذكره كعادته وليس كذلك فقد رواه أبو داود في الصلاة باللفظ المزبور‏.‏

4376 - ‏(‏رأى عيسى ابن مريم رجلاً يسرق‏)‏ لم يسم الرجل ولا المسروق منه ولا المسروق ‏(‏فقال له أسرقت‏؟‏‏)‏ بهمزة الاستفهام وروي بدونها ‏(‏قال كلا‏)‏ حرف ردع أي ليس الأمر كما قلت ثم أكد ذلك بالحلف بقوله ‏(‏والذي‏)‏ وفي ‏[‏ص 6‏]‏ رواية لا والذي ‏(‏لا إله إلا هو فقال عيسى آمنت باللّه‏)‏ أي صدقت من حلف باللّه إذ المؤمن الكامل لا يحلف باللّه كاذباً ‏(‏وكذبت عينيِّ‏)‏ بالتشديد على التثنية ولبعضهم بالإفراد أي كذبت ما ظهر لي من سرقة لاحتمال أنه أخذ بإذن صاحبه أو لأنه بان له فيه حق وفي رواية للبخاري وكذبت بتخفيفها‏.‏ قال بعضهم‏:‏ والتخفيف هو الظاهر بدليل رواية مسلم وكذبت نفسي وهذا خرج مخرج المبالغة في تصديق الحالف لا أنه كذب نفسه حقيقة أو أراد صدقه في الحكم لأنه لم يحكم بعلمه وإلا فالمشاهدة أعلى اليقين فكيف يكذب عينه ويصدق قول المدعي ويحتمل أنه رآه مدَّ يده إلى الشيء فظنَّ أنه تناوله فلما حلف رجع إلى ظنه ذكره جمع، وقال القرطبي‏:‏ ظاهر قول عيسى له سرقت أنه خبر عما فعل من السرقة وكأنه حقق السرقة عليه لكونه رآه أخذ مالاً لغيره ويحتمل أنه استفهام حذفت همزته وحذفها قليل وقول الرجل كلا أي لا نفي ثم أكده باليمين وقول عيسى آمنت باللّه وكذبت نفسي أي صدقت من حلف وكذبت ما ظهر من ظاهر السرقة فيحتمل أن يكون أخذ ما له فيه حق أو يكون لصاحبه إذن أو أخذه لتغلبه واستدل به على درء الحد بالشبهة ومنع القضاء بالعلم والراجح عند المالكية والحنابلة منعه مطلقاً وعند الشافعيّ جوازه إلا في الحدود‏.‏

- ‏(‏حم ق ن ه عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

4377 - ‏(‏رأيت ربي عز وجل‏)‏ بالمشاهدة العينية التي لم يحتمل الكليم أدنى شيء منها أو القلبية بمعنى التجلي التام فقد روي عنه عليه السلام لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل والأرجح أن اللّه جمع له بين الرؤية البصرية والجنانية ولا يعارضه قول اللّه لكليمه ‏{‏لن تراني‏}‏ وإن كان حرف لن لتأييد النفي إذ لا يلزم من نفيها عن موسى عليه السلام نفيها عن محمد صلى اللّه عليه وسلم واللّه سبحانه حي موجود فلا يمتنع رؤيته عقلاً وحاسية العين غير ركن للرؤية ولولا حجب النفس والهوى لرأت العين في الدنيا ما يراه القلب وعكسه ‏.‏